و الله المستعان
لهذا أعتقد أنّ الزّواج في سن متأخر أكبر تحد في الحياة الأسرية و ما هو مؤكد أنّ الزواج في سن مبكر نعمة على الحياة الأسرية ، لأنّه يكسبها الكثير من الفرص التعويض للوقت الذي قضته وهي تتابع طفلها و تسهرعلى رعايته وسلامته إلى أن كبر واشتد عوده ثم صار رجلا مسؤولا ، ولمن يعي و يخطط بشكل صحيح و ذكي سيجعل الوقت خادما له، فيتاح لهما الفرص من جديد للسفر وزيارة الأماكن المريحة الصحيّة المحببة و حتى ممارسة الأعمال التي لم تتح لهما من قبل
الابن يرى سن والده غير متوافق وسنّه وبالتالي ما يصلح يكون له صديقا ، حتى أنّ الطفل بات مخلوقا كثير ذكي وفطن و حتما ستجده هو الآخر رافض فكرة كون والده في سن جدّه و هو ينتظره بالمدرسة ، إن لم يكن هو الملاحظ فزملاء له وما أكثرهم كمنتبهين ومراقبين اليوم ...
مع التقدم في السن تتسلط على صاحب الزّواج في سن متأخر بعض الطباع والعادات والتغيرات الجسدية والفكرية، التي حتما ستنعكس على الأسرة وستفرض نفسها فرضا عادات قد يصعب تركها والتفريط فيها ، فمجالسة الأصدقاء مسلاة للأحزان وملهاة و حرية وهبها المتأخر لنفسه من مرحلة الشباب، لكن حياته الجديدة ستضل في حراك تطالبه بالكثير من التضحيات ، فيجد نفسه في حالة قلق من البداية، وله كل الحق في هذا ، فهو يعمل جاهدا على تعويض ما فاته من الوقت ، و أوّل شيئ يشغل باله هو أمرالانجاب و من تم التربية و الرّعاية وتوفير ضروريات العيش، فتجيئ مرحلة المراقبة والمتابعة القاسية عليه كأب مسؤول ، لاحظوا فقط هذا النقطة بالتحديد بارك الله فيكم :الوالد تزوج في سن 45 ولنقل أنجب في عامه و ببلوغه سن 60 يصير إبنه في سن 15 و كلّنا يعلم ما تأثيرات هذه المرحلة والتغيرات التي تحدثها على حياة المراهق نفسيا وجسديا و فكريا، مرحلة تزيد هذا المتأخر إرهاقا وقلقا، فعدم التكافئ في السن ما بين الآباء و الأبناء سيؤثر بشكل مباشر على أمري التربية والصداقة ،والصداقة كثير مهمّة ولازمة خاصة في وقتنا هذا ...
للأسرة منزلة عظيمة في هذا الوجود الاختباري، كيف لا؟ وهي الأصل والمنطلق، إن صحت صحّ المجتمع وإن طلحت طلح، بغض النظرعن الأسباب التي ادّت إلى الزّواج في سن متأخر سنركز في موضوعنا هذا عن تأثيره و نتائجه على الأسرة بشكل خاص، ولأنّنا نعيش زمنا كثرت فيه الأحدات و مختلف الوقائع السريعة والمخيفة، التي تحمل من اللّغو والآمبالاة والانحلال الخلق و العادات السيئة حدث ولا حرج، كان لابد من القول أنّ الزّواج اليوم قدرة اكثر منه مسؤولية، القدرة على المواجهة، المتابعة و الصبر والمصابرة ، جهاد هو بمعنى الكلمة
---
وفي السرورأقرب للفؤاد *** و أريح في النفس و العقل أبصر
فما أقسى الدّنيا حين تأخذ وهي *** في الجود و العطاء أكرم وأخير
لكنّه أمن و انتظر و رضي بقدره *** وصبر حاله كحال الكثير من البشر
لو شدّ العزم وتوكل على الله *** لكان له الرّحمن مسهلا وميسر
ليثه أدرك نعمة أسرة عن بكرة *** لصار واسع الصدر مقتدر
فسارع سالف أيامه علّه لاحق *** و إذا بالدّهر له غير مقدر
تحسر متأخر لما رأى الدّهر دونه *** و أيقن أنّه بالابطاء متأخر
***
" الزواج في سن متأخر "
---
